المره الاولي

شعرت بالانهزام..
إنها المرة الأولى التي يسيطر فيها هذا الشعور
على كياني..
تتسلل إلي أفكار تزداد من هذا الشعور حدة
لتحوله إلى إعصار حمل معه كل القوة ليدمر
صمودي وقوتي..
بدأت أنهار..
بدأت جزيئات ذلك الجبل بالتفتت لتتحول إلى
حبيبات رمال سحقتها قسوة الرياح..
شيئا فشيئا بدأت أتراجع..
فما عاد بي جزء لم تصبه جراحهم..
بل لم يبقى أحداً لم يشعرني بالخيانة والغدر..
حتى بت أشعر بأنني في غابه الغلبة فيها
للأقوى..
ولكني كنت الأقوى ذات اليوم..
ولم تكن لي الغلبة..
لأن قوتي كانت تكمن في مشاعري وصدقي لا في
تزييف نفسي والاجتهاد على إشباع ذاتي وإرضائها
لأشعرها بأنها الأفضل ..
أرضي ذلك النقص الذي سيطر على مشاعري فبلدها وحولني
إلى حيوان جارح لا يأبه بالمشاعر وكل همه هو افتراس كل
من يحمل قيماً تجعله الأفضل بين الناس..
هذا ما حدث بالضبط..
فمن كان الأقرب إلى النفس حاول جاهداً أن يخنق هذه
الأنفاس..
حاول أن يزهق هذه الروح بعد أن سكنها ذات يوم أو كان
أحد قرنائها..
فبعد أن أصبح أقرب إليها من جسده بدأ بإزاحتها..
بعد أن تعلم منها القوة مارس أول قواه عليها لينزعها
من ذاتها فتنهار..
لم تعد تقوى على الحراك..
بل استحال لها أن تستنشق القليل من الهواء وحبل الخيانة
يلتف حول رقبتها..
لم يبقى لها ماتملكه سوى القرار بالرحيل..
وبانهزام..
مارست آخر حقوقها..
لتقرر ما ليست تقوى عليه ..
ولكن لابد من القرار لأنها لا تملك سواه..
بنحول شديد وآلام الغدر تجتاحها من كل جانب..
لملمت مابقي من ذكريات أكثرها دامية..
وقررت الرحيل...